الخطاب الإعلامي وقراءة المسؤولين

كتب علي حسن الفواز: توصيف الإعلام بأنه السلطة الرابعة لا يعني منحه القوة المجردة، بقدر ما يعني تمكينه من المراقبة، ومن حيازة الأدوات التي تجعل من سلطته الرمزية فاعلاً حقيقياً في المجتمع، وفي دعم السلطات الأخرى، ومراقبتها في آن معاً.

 

 

لكن ذلك يتطلب وجود البيئة السياسية والتشريعية التي تضع سلطة الإعلام في سياقها الصحيح، وفي إطار ممارستها لفعاليات صناعة الرأي العام، ومراقبة العمل المؤسسي، وإيجاد بيئة تفاعلية، تتعزز فيها قوة الخطاب، وتتجدد وسائله، وفضاءاته، وبالاتجاه الذي تتحول فيه صناعة الرسالة الإعلامية إلى صناعة فاعلة في اقتصاديات المعلومات والأفكار والأخبار والصحافة الاستقصائية وغيرها. فضلاً عن دورها في الدفاع عن الهوية الوطنية والأمن الوطني وقيم السيادة والتنوع والتعدد المكوناتي في المجتمع.

 

من أكثر مشكلات الإعلام العراقي هي محدودية بيئته، فرغم جميع الجهود المؤسساتية والقانونية التي تدعم الاعلام، وتجعله في سياق آليات البناء المجتمعي. إلا أن كثيراً من مسؤولي تلك المؤسسات لا يضعون الرقابة الإعلامية في حسابهم، ولا في سياق عملهم.

 

وأن أغلبهم يرى في الإعلام خطاباً عاماً، وكأنه جزء من الدعاية، والترويج لهذا المسؤول أو ذاك، وبالتالي نفتقد أهمية ومسؤولية النقد، مثلما نفتقد الجو التفاعلي مابين مسؤوليات الدولة، ومؤسسات الإعلام. لاسيما مايتعلق بتسليط الضوء على عديد المشكلات التي تعاني منها المؤسسات، أو مايتعلق بمعاناة الناس في شؤونهم وشجونها المتعددة.

 

إننا لا نريد أن نجعل الإعلام سيفاً مسلطاً على أحد، ولا أن يتحول إلى جهاز رقابي صارم، بقدر ماندعو إلى أن يكون الإعلام جزءاً من الحياة الجديدة في العراق، في تحولاتها السياسية والديمقراطية، وفي مجال الحريات والحقوق المدنية. وفي مجال تنميته الثقافية والبشرية، لأن صناعة الرأي العام عملية مهمة وضرورية في تعزيز تلك التحولات، وفي تغذية عناصر الوعي، وفي تمكين المواطن من حقوقه الدستورية والثقافية، ومن التزامه بالواجبات والمسؤوليات.

 

فضلا عن أنّ نقد العمل المؤسسي سيكون أداة فاعلة في دعم تلك المؤسسات، ومساعدتها على تحسين عملها وتجاوز أخطائها أو ضعف أدائها، لاسيما مايخص عمل مؤسسات مهمة لها علاقة بحياة الناس، والتي يكون الإعلام فيها حاضراً، بوصفه مجالاً للتعريف، وللدعم وللتشجيع والإسناد. وعلى مستويات متعددة، بعضها يدخل في المجال التوعوي الصحي والديمقراطي، وبعضها يدخل في المجال الأمني والنقدي وفي دعم بناء المجتمع الجديد في حداثته، وفي تأهيل بناه المجتمعية الثقافية والتعليمية والتربوية والاقتصادية.

زر الذهاب إلى الأعلى