قطار التنافس ينطلق نحو انتخابات مجالس المحافظات

كتب عادل الجبوري: انطلقت اعتباراً من بداية شهر تشرين الثاني-نوفمبر الجاري، الحملات الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات في العراق، المزمع إجراؤها في الثامن عشر من شهر كانون الأول—ديسمبر المقبل.

 

ويتنافس 5915 مرشحاً على 275 مقعداً. تتوزع على خمسة عشر محافظة عراقية في الوسط والجنوب، ماعدا المحافظات الثلاث. في إقليم كردستان بشمال البلاد.

ويمثل المرشحون الـ(5915)، مئتين وستة وتسعين حزباً وكياناً سياسياً، تنتظم في خمسين تحالفاً، إلى جانب ستين مرشحاً سيخوضون الانتخابات بقوائم منفردة.

ووضعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بالتنسيق مع المؤسسات والدوائر الحكومية المعنية، جملة ضوابط ومحددات للحملات الدعائية الانتخابية، تتعلق بنوعية المواد المستخدمة، والأماكن التي يسمح للمرشحين باستخدامها للتعريف بأشخاصهم وبرامجهم، وفرضت غرامات مالية وإجراءات عقابية أخرى بحق المخالفين، تبدأ من خمسمائة ألف دينار لتصل إلى خمسين مليون دينار.

وبحسب مفوضية الانتخابات، فإن نحو ستة عشر مليون شخص سيحق لهم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، هذا في الوقت الذي تذهب مجمل المؤشرات والمعطيات إلى أن نسب المشاركة، ستكون منخفضة مقارنة بالانتخابات السابقة.

وكانت المفوضية قد أوضحت ببيان رسمي لها في وقت سابق، “أن عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات المحلية، بلغ عددهم 16.158.788 ناخباً، منهم 15.108.135 ناخباً للتصويت العام، موزعين على (7.166) مركز اقتراع و(35.553) محطة اقتراع، و(1.002.393) ناخباً للتصويت الخاص يصوتون في (565) مركز اقتراع، و(2.367) محطة اقتراع، فيما بلغ عدد الناخبين النازحين (48.260) ناخباً نازحاً ستفتتح لهم المفوضية (35) مركز اقتراع، و(120) محطة اقتراع”.

وتعد انتخابات مجالس المحافظات المرتقبة، هي الرابعة خلال العشرين عاماً المنصرمة بعد الإطاحة بنظام صدام في ربيع عام 2003. ففي أواخر عام 2005 أجريت الانتخابات المحلية الأولى بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية، بعد الاستفتاء العام على مشروع الدستور الدائم، في منتصف شهر تشرين الأول-أكتوبر من ذلك العام.

وفي شهر كانون الثاني-يناير 2009 أجريت الانتخابات المحلية الثانية، وفي نيسان-أبريل 2013 أجريت الانتخابات الثالثة. وكان مقرراً وفقاً للدستور، أن تنتهي تلك الدورة في عام 2017، وتجرى انتخابات جديدة، بيد أن جملة عوامل وظروف حالت دون ذلك، لعل أبرزها استحقاقات وتبعات وتداعيات الحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، وهو ما استدعى أن تبقى الأمور على حالها ويصار إلى استمرارية عمل الدورة الثالثة، حتى عام 2019، حينما تمّ التصويت من قبل البرلمان العراقي على التعديل الثاني لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي، التي تضمن تعليق تلك المجالس لعدم دستورية وجودها نظراً لتجاوز فترتها المحدّدة.

وبعد حوالي عامين، قطعت المحكمة الاتحادية العليا في البلاد الجدل والسجال المحتدم حول شرعية أو عدم شرعية إنهاء عمل المجالس المحلية من قبل البرلمان، بعد تقدّم أعضاء مجالس عدد من المحافظات، بينها كركوك ونينوى بالطعن بقرار البرلمان، إذ أعلنت المحكمة مطلع شهر حزيران-يونيو 2021، بأن “تعليق عمل مجالس المحافظات موافق للدستور ولا يعني إلغاء وجود تلك المجالس كهيئة محلية دستورية. وإن استمرار عملها سواء كانت مجالس وطنية أو هيئات محلية بعد انتهاء دورتها الانتخابية، يمثّل خرقاً لحق الشعب في التصويت والانتخاب والترشيح وتجاوزاً لإرادة الناخب”.

وبينما يرى البعض أن مجالس المحافظات تعد حلقة زائدة، وأنها كانت إحدى مفاصل الفساد الإداري والمالي لعدة أعوام، يذهب البعض الآخر إلى أن تلك المجالس تنطوي على أهمية بالغة في اختيار ومراقبة عمل الحكومات المحلية بعناوينها المختلفة، وتشريع القوانين ذات الطابع الخدمي، وفي تحصيل حقوق المحافظة واستحقاقاتها المختلفة.

وفي كل الأحوال، فإن مخرجات انتخابات مجلس المحافظات، يمكن أن تكون مقدمة أو مقياساً ومعياراً لطبيعة ومعالم وملامح المشهد العام للانتخابات البرلمانية المقبلة، التي لم يتضح حتى الآن موعد إجرائها، مع التأكيد على أن التصور العام يتمثل في أن هذه الانتخابات-أي انتخابات مجالس المحافظات-لن تأتي بمعادلات جديدة، وإذا كان هناك من متغيرات، فأنها أغلب الظن ستكون شكلية وطفيفة، وليست جوهرية وكبيرة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى