أخر الأخبار

ماذا حققت قمة بغداد؟

كتب زهير كاظم عبود: الدعوة التي وجهتها الحكومة لجميع الزعماء والقادة العرب، عبرت عن التوجه الصادق والسياسة الحكيمة التي تنهجها، لغرض جمع كلمة العرب وتوحيد المساعي في قضايا متعددة تهم الجميع، وأن توفر توافق رفيع المستوى في توحيد المصالح المشتركة وإيجاد الحلول العملية والفاعلة للقضايا التي تم طرحها، سواء في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، أو ضمن اجتماعات قمة بغداد.

 

ومثل هذا التوجه العراقي الذي يقصد لم الشمل ودراسة سبل ووسائل تحسين المناخ العربي، لا بد أن يجد له تأثيراً إيجابياً من الشارع العربي، وهو مؤشر يعد إيجابياً وموضوعياً، من أجل تقارب وتوحيد المواقف العربية إزاء قضايا جوهرية تشغل السياسة العربية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: القضية الفلسطينية، والموقف من قضية الأمن الغذائي وملف المياه وملف الزراعة، والأزمة في السودان واليمن، إضافة إلى الموقف من التغيير الحاصل في سوريا، وكذلك اتخاذ موقف من التنظيمات الإرهابية، والموقف من تركيا وإيران باعتبارهما جارين مهمين، وملفات أخرى تم طرحها داخل أروقة المؤتمر، جميعها تتطلب مواقف ومعالجات عربية موحدة، كما تتطلب توسط لإنهاء النزاعات الداخلية ورأب الصدع داخل بعض الدول الشقيقة، والتدخل بين الأطراف المتنازعة لتخفيف حدة التوتر والتوسط لإنهاء الخلافات القائمة.

وبالرغم من عدم تمكن بعض الملوك والقادة العرب من الحضور إلى هذه القمة، فإن حضور من يمثلهم لا يقلل من شأن التفاعل والمشاركة الفعالة في تحقيق شعارات المؤتمر، وخصوصاً بعد أن تسلم العراق رئاسة المؤتمر من الشقيقة دولة البحرين.

وأمام هذه القمة يطرح العراق حاجته الماسة للاستثمار العربي، بما يحقق الفائدة المشتركة في العديد من المشاريع الاقتصادية والأمنية المختلفة، وخصوصاً مشاريع السكن والربط الكهربائي والنقل والتعاون في مجال الامن الغذائي، وسيجد الأخوة العرب أن مثل هذه المشاريع المطروحة للاستثمار ستحقق الفائدة للجميع، بالإضافة إلى قضايا التغير المناخي وملف المياه وملف التعليم والتعاون المشترك في مجالات عديدة، سيتم طرحها في الجلسات المغلقة والحوار بين القادة المجتمعين، والتي سيلخصها البيان الختامي ومحاضر الحوار التي جرت بين الأطراف، مما يشكل نجاحاً دبلوماسياً ومؤشراً على التقدم الفعلي في التعاون العربي، وخلق فرص للتقارب والتوحد في المواقف للتوجه إلى مواقف تدعم المستقبل العربي.

ويشكل المؤتمر خطوة إيجابية تسجل لصالح السياسة المعتدلة للحكومة العراقية، وتؤكد أيضاً على التزام العراق بميثاق الجامعة العربية باعتباره أحد مؤسسيها، والتزامه بمبدأ حسن الجوار والتعاون العربي وتوفير فرص العمل والمشاركة في تقاسم المصالح والرغبة بالاستثمار، مما سيخلف فرصاً حقيقية للتقارب العربي، بالإضافة إلى عودة العراق باعتباره قطباً مهماً من أقطاب العمل العربي والإنساني في المنطقة.

المنطقة العربية تعج بالخلافات السياسية والأمنية وهي بحاجة ماسة لإيجاد وسائل لتخفيف التوتر، وتهدئة المواقف من أجل التوصل إلى حلول وسطية مشتركة يتقبلها الجميع، بالإضافة إلى أن يلعب العراق دوراً وسيطاً ومحايداً بين تلك الأطراف، من خلال فتح نوافذ وقنوات للتعاون بينها، والتعاون المثمر لمواجهة تهديد التسلل عبر الحدود والتهريب وملف المخدرات وسبل محاربتها.

ومن خلال كل هذا يصبح العراق لاعباً سياسياً ناضجاً يسعى إلى السعي لاستقرار المنطقة ودعم السلام المجتمعي، وإيقاف جميع الأسباب التي تدفع إلى التوتر والصراع، والتأكيد على السيادة ورفض الدخول في المحاور والتكتلات الخارجية.

النجاح الذي انتهى به المؤتمر من خلال ما ورد ببيانه الختامي، دليل أكيد على نجاح الدبلوماسية العراقية، التي تكللت بجهود ودعم السلطة التنفيذية، التي تتمسك بالتزاماتها الوطنية والعربية.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى