مستشار حكومي: إيقاف استيراد المنتجات النفطية السنوية سيوفر 5 مليارات دولار

أكد مستشار رئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، اليوم الاثنين، أن إيقاف استيراد المنتجات النفطية سيوفر5 مليارات دولار سنوياً، وفيما بين أن قرار إيقاف استيراد المنتجات النفطية خطوة تمهد للتصدير بعد استكمال المصافي الحديثة.
وقال صالح في تصريح للوكالة الرسمية وتابعه “العراق اولا”، إن “إعلان رئيس مجلس الوزراء عن إيقاف استيراد المنتجات النفطية، يعد نقطة انتقال نوعية وقوية في مسار تنويع الاقتصاد الوطني، إذ يمثل البداية الحقيقية لتنويع القطاع النفطي ذاته”، لافتاً إلى أن “الاقتصاد العراقي الذي طالما اتّسم بطابعه الريعي واعتماده الكبير على تصدير النفط الخام، يشهد اليوم تحوّلاً جوهرياً في بنيته الإنتاجية، يمهّد لمرحلة جديدة من التحول الصناعي في الطاقة وتعزيز السيادة الاقتصادية
وأضاف أن “القرار يسير بمسارين يشكلان اقتصاديين رئيسيين، فالمسار الأول هو تحقيق وفورات مهمة في العملة الأجنبية لصالح الاقتصاد الوطني، من خلال تقليص الاستيرادات السنوية من المشتقات النفطية التي تُقدّر بنحو خمسة مليارات دولار سنويًا في المتوسط، وتشمل منتجات حيوية مثل بنزين السيارات وزيت الغاز وغيرها، وتنعكس هذه الوفورات إيجابًا على رصيد الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي، مما يعزز قدرة البلاد على إدارة احتياطاتها من النقد الأجنبي بصورة أكثر استدامة”.
وتابع: إن “المسار الثاني هو تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، اذ يؤشر القرار الى ان هناك ارتفاعاً في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3% سنويًا، نتيجة زيادة القيمة المضافة الناجمة عن الإنتاج المحلي لتلك المشتقات النفطية بدلاً من استيرادها”، مبيناً ان “ذلك يمثل خطوةً نوعية في إعادة بناء القاعدة الصناعية النفطية الوطنية، وتوسيع طاقات التصفية والتكرير داخل العراق بما يعزز النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني”.
وحول انعكاسات القرار على الموازنة العامة، أوضح صالح، أن “القرار يؤدي إلى تحوّل هيكلي في الموازنة العامة من جانبين رئيسين، الأول جانب الإنفاق، حيث يسهم في تقليص الضغط على النفقات التشغيلية المرتبطة بتأمين المنتجات النفطية المستوردة، ويخفف من الأعباء المالية التي كانت تُموّل بالدين أو من الاحتياطيات النقدية الاجنبية للبلاد، والثاني جانب الإيرادات، إذ يؤدي توسع الإنتاج المحلي وارتفاع طاقات التصفية إلى زيادة عوائد المبيعات الداخلية للمشتقات النفطية، وهو ما يُسهم في تعزيز الإيرادات العامة وتنويع مصادرها، فضلًا عن دعم استدامة المالية العامة وخفض العجز كمؤشر لخطوة أساسية نحو تنويع الاقتصاد الوطني، وبذلك يتحول قطاع التصفية من عبءٍ استيرادي إلى رافعة مالية حقيقية تدعم التنمية وتزيد قدرة الدولة على تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات”.
وبين أن “ما تتطلع إليه السياسة النفطية العراقية في المرحلة المقبلة، هو تصدير المشتقات النفطية تدريجيًا بعد استكمال بناء سلاسل المصافي الحديثة، وتبني تكنولوجيا متطورة واستثمارات واسعة في قطاع تصفية النفط الخام، ويمثل هذا التوجه قفزة صناعية غير مسبوقة في تاريخ العراق الحديث، تتحقق للمرة الأولى منذ عقدين، وتؤسس لبنية اقتصادية متكاملة بين الاستخراج والإنتاج والتصدير”.
وأشار صالح إلى أن “خلاصة السياسة الاقتصادية ضمن البرنامج الحكومي التي مثلها قرار إيقاف استيراد المنتجات النفطية لا يُعدّ مجرد إجراء إداري في السياسة النفطية، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا في فلسفة التنمية الاقتصادية للعراق، فهو يعيد الاعتبار إلى الاقتصاد الإنتاجي بعد عقود من الاعتماد على ريع النفط الخام، ويؤسس لمرحلة جديدة من تكامل سلاسل القيمة داخل الاقتصاد الوطني، تبدأ من استخراج الخام وتنتهي بتصنيعه وتصدير مشتقاته عالية القيمة، كما يُسهم هذا التحول في تحسين كفاءة المالية العامة وتقليل هشاشتها تجاه تقلبات الأسعار العالمية، إذ تتحول الدولة تدريجيًا من مستهلك صافٍ للثروة النفطية إلى منتج ومصدر للقيمة المضافة”.
واختتم بالقول: إن “هذا القرار يعزز بيئة الاستثمار الصناعي المحلي والأجنبي في قطاع الطاقة التحويلية، ويفتح الباب أمام تنويع القاعدة الإنتاجية وتوليد فرص العمل النوعية”، موضحاً أن “ما بدأته الحكومة من خطوات عملية في هذا الاتجاه، يُعد أحد أهم ملامح الإصلاح الاقتصادي البنيوي في العراق المعاصر، ويؤسس لاقتصادٍ وطنيٍّ متوازنٍ قادرٍ على تحقيق الاستدامة المالية والعدالة التنموية في آنٍ واحد”.




