نرمين المفتي: (الاتجاه المعاكس) ليس أنموذجاً

المعروف في علم الإعلام، فإن البرامج الحوارية، السياسة خاصة،  تستهدف الرأي العام، أي التأثير على المتلقي ومحأولة إقناعه أن يكون مع وجهة نظر هذا الضيف أو الآخر.

 

كتبت  نرمين المفتي: البرامج السياسية الحوارية العراقية في غالبيتها أخذت من (الاتجاه المعاكس) السيئ الصيت إنموذجا يقتدى به، اي برامج صراخ وصياح وشتائم لدرجة استخدام  كلمات غير لائقة  لـ(ضيف) ضد آخر، والنتيجة يتيه المتلقي في حوار لا علاقة له بالتقاليد المهنية واحترام الجمهور وايصال المعلومة له، فضلا عن إساءته إلى القضية- محور البرنامج.

المعروف في علم الإعلام، فإن البرامج الحوارية، السياسة خاصة،  تستهدف الرأي العام، اي التأثير على المتلقي ومحأولة إقناعه أن يكون مع وجهة نظر هذا الضيف أو الآخر،  مما يؤدي إلى إيصال رسائل مهمة للسياسيين وإلى السلطة وبالتالي الوقوف الجماهيري مع قرار ما أو ضده، أو الضغط على السلطة لحل قضية معينة أو لاتخاذ قرار ما.. ولو نظرنا إلى  النموذج وأقصد (الاتجاه المعاكس) فإنه فشل غالبا في تحشيد الرأي العام العربي ضد القضايا التي تستهدفها الأجندة السياسية لقناة الجزيرة إعلاميا، والتي تمكنت من خلال نشراتها الإخبارية وتحليلاتها السياسية ضمن هذه النشرات من خلق رأي عام مع أهداف القناة، بينما البرنامج الذي أشرت اليه يؤثر سلبا حتى وإن كان له جمهور، وشخصيا لا أعتقد أن هذا الجمهور بالحجم الذي كان في بدايته، اسبوعا بعد آخر تحول البرنامج إلى تهريج واضح وضيوف ماهرين في استخدام كلمات شتم بذيئة وصولا إلى الضرب. وأعتقد شخصيا مرة أخرى أن الجمهور الذي يتابع هذا البرنامج هم من الذين لا يستقرون على رأي أو من الذين يريدون أن يتأكدوا أن قرارهم ضد قضية ما كان صحيحا، إن كان هذا من يدافع عنها بهذا المستوى البائس.. اما مقدم البرنامج  الذي اشتهر أكثر من كادر الإعداد، يدس السم بالعسل بخبث واضح، فشل وبإصرار في خلق ما يصطلح عليه علميا بالفضاء العقلاني للحوار.
المتابع للبرامج الحوارية السياسية في القنوات العراقية، قطعا ليس كلها، فهناك برامج ناجحة سواء من خلال الإعداد أو الإخراج واختيار الضيوف ومقدميها، متمكنين من القضية التي تطرحها هذه البرامج ولا يحاولون الضغط على الضيف للموافقة على رأيهم ويعرفون كيف يديرون الحوار حتى إن كان الضيوف متخاصمين حول محور البرنامج ويتمكنون من السيطرة عليهم، كي لا يستاء الجمهور ويوقفون البرنامج لو تمادى الضيوف، أحدهم ضد الآخر. هؤلاء المقدمون يعرفون أطراف القضية، أية قضية، ويعملون مع كادر الإعداد في كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة وموهوبين في استنباط أسئلة من أجوبة الضيوف لإحراجهم بلطف من دون الاساءة اليهم، وهم متابعون جيدون، اما يدور في أروقة السياسة العراقية والإقليمية
والدولية.
أعود إلى المتابع للبرامج السياسية غير الناجحة، فإن مقدميها يلهثون خلف (نجومية) فارغة، بينما أصحاب القنوات يلهثون وراء (الريتنغ) أو التقييم والذي يفترض أن تجريها مؤسسات رصينة ومعروفة، وكلما ارتفع عدد الجمهور المتابع للقناة أو لبرنامج معين، فترتفع أسعار الإعلانات التجارية وعددها، مرة أخرى هناك جمهور لهكذا برامج وللأسباب التي سبق وأشرت اليها.
اما المقدمون والمقدمات (النجوم)، فبينهم من نصب نفسه قاضيا يبت بالقضية من دون الأخذ بآراء ضيوفه أو شرطيا يحقق بصورة غير لائقة مما يشعر المتلقي قبل الضيوف بعدم الاحترام، وهناك بينهم من يدفع بضيوفه إلى الشجار ويبتسم (واثقا) من نجاحه أو يجرهم، بدون علمهم إلى التصريح بما يجعل أكثر المتلقين أن يشعروا بأن المقدم مصر على الإساءة اليهم وإلى مشاعرهم وليس فقط محاولة  تضليل الرأي العام.
إن البرنامج السياسي الحواري ليس برنامجا للسخرية، إذ هناك برامج سياسية ساخرة ولها جمهورها الذي يختلف غالبا عن جمهور البرامج الرصينة، ولا بد لأصحاب القنوات الانتباه على هذه النقطة، ويبقى لاري كينغ المتوفى في ٢٠٢١ نموذجا متميزا لمحاور سياسي  خاصة، فهو كان يحاور شخصيات فنية وأدبية وغيرها، فرغم خبثه الذي كنت أشعره من خلال أسئلته، كان يعرف كيف يأخذ من الضيف ما يريد المتلقي من سماعه إن كان معه أو ضده.

 

 

 

لمزيد من الأخبار تابعونا على قناة التلجرام: العراق أولا

زر الذهاب إلى الأعلى