برميل نفط مقابل برميل ماء

كتب نوزاد حسن: لن أقول إنني من وضع هذه المعادلة الغريبة التي لا أتمنى أن تتحقق في يوم ما، لأنها معادلة غير منطقية تقول: “أعطني برميل ماء أعطك برميل نفط”.
هذه المعادلة هي وجهة نظر خبير زراعي له خبرة طويلة في مجال عمله، كما أن التقارير تشير إلى مشكلات عديدة ستواجه البلاد، في حال عدم معالجة مسألة الجفاف الذي أشارت وزارة الموارد المائية في بيان لها أن العام 2025 هو أسوأ عام منذ 90 عاماً.
بيان الوزارة أعطى صورة تفصيلية وبالأرقام لإيرادات دجلة والفرات، إذ بلغت 27%، أما مخزون المياه في السدود والخزانات فانخفض إلى 8% من قدرتها التخزينية، ولن أذكر تفاصيل أكثر، ذلك لأن الصورة اتضحت وهي، كما أظن، صورة تحكي عن نفسها ولم تعد مخفية عن أحد، ولعل مثل هذه التقارير تحمل في داخلها إنذاراً لا بد من التعامل معه بكل جدية، لأنه يعرض أمن البلاد في السنوات القادمة إلى تغييرات كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني.
قبل ثلاثة قرون كان هناك حديث عن السيطرة على الطبيعة واستغلال مواردها لخدمة الإنسان، هكذا كان الحديث آنذاك، ولم يكن يخطر ببال مثقف فرنسي كبير مثل ديكارت أن وجهة نظره الداعية إلى السيطرة على الطبيعة والاستفادة ستنتهي، لتحل محلها وجهة نظر أخرى مختلفة كل الاختلاف عما كان يقوله.
نظرية اليوم تتحدث عن جفاف ضرب أجزاء من العالم، وبلدنا أكثر هذه البلدان تضرراً بهذا التغير المناخي، الحل هو المحافظة على ما تبقى، وإيجاد حلول جذرية وسريعة لتفادي ما سيقع، وإذا كنا قد سمعنا منذ سنوات سابقة عن حرب مياه قادمة، فهذا يعني أننا سندخل حرباً مع الطبيعة التي أسأنا معاملتها، وأهملناها، وحولنا مساحاتها الخضراء إلى دور سكن، وعمارات ومبانٍ خرسانية (أو كونكريتية).
أتساءل: هل نعرف كيف ندير حرب الطبيعة؟
أفكر: هل ننتظر إلى اللحظة التي تزداد فيها أعداد المهاجرين من قراهم وأقضيتهم إلى مدن مكتظة طلباً للماء، تاركين خلفهم كل شيء؟ لا أتخيل أن تقع نبوءة تلك المعادلة المشؤومة التي ستعطي يوماً ما برميل نفط مقابل برميل ماء.
هل هناك حدث درامي أكثر قسوة من هذه النبوءة؟ لا بد من حلول واقعية تعالج الوضع الداخلي والخارجي المتعلق بدول الجوار في أهم ملف على الإطلاق.


