أخر الأخبار

اختبار جيني جديد يتنبأ بمقاومة مرضى السرطان للعلاج الكيميائي

في خطوة قد تُحدث تحولاً جذرياً في علاج السرطان، طوّر علماء من جامعة كامبريدج، بالتعاون مع المركز الوطني الإسباني لأبحاث السرطان، اختباراً جينياً مبتكراً يمكنه التنبؤ بمقاومة الأورام للعلاج الكيميائي، مما يُمهّد الطريق نحو تخصيص العلاج بدقة لكل مريض.

الاختبار، الذي حظي بدعم من منظمة “أبحاث السرطان في المملكة المتحدة”، يعتمد على تحليل الحمض النووي (DNA) لخلايا الورم، لرصد أنماط جينية دقيقة تكشف مدى استجابة الورم لثلاثة من أكثر العلاجات الكيميائية استخداماً: عقاقير البلاتين، والأنثراسايكلين، والتاكسين، والتي تُوصف سنوياً لعشرات الآلاف من مرضى السرطان في بريطانيا وحدها.
نتائج دقيقة على مئات المرضى

أُجري الاختبار على 840 مريضاً مصابين بأنواع مختلفة من السرطان، ونجح في تصنيف المرضى بدقة إلى مجموعتين: مستجيبين ومقاومين للعلاج الكيميائي. وبناءً على النتائج، تم تحديد العلاج الأنسب لكل مريض بشكل افتراضي، ما أظهر دقة كبيرة في التنبؤ بمدى فاعلية العلاج.

وكشفت الدراسة أن المرضى الذين تنبأ الاختبار بمقاومتهم لعقار “تاكسين”، سجلوا معدلات استجابة أقل في علاج سرطانات المبيض، والثدي المنتشر، والبروستاتا المنتشر. أما مقاومة عقار “أنثراسايكلين”، فارتبطت بفشل أكبر في حالات سرطان المبيض والثدي، بينما سجّل مرضى سرطان المبيض الذين أظهروا مقاومة لعلاجات “البلاتين” معدلات نكس أعلى.

وأوضح الدكتور جيف ماكنتاير، الباحث الرئيسي في الدراسة، أن التقنية الجديدة تتيح “فهم الفوضى الجينية” التي تصاحب العديد من الأورام، عبر ربط أنماط الطفرات الجينية بالآليات البيولوجية المسببة لها، وأضاف “هذا التحليل يمنحنا رؤية غير مسبوقة عن طبيعة الورم، ويمكّننا من التنبؤ باحتمالات فشل العلاج الكيميائي بدقة علمية”.

ولتسهيل دمج الاختبار في الممارسة الطبية اليومية، تم تصميمه ليعمل بالتوازي مع أدوات تسلسل الجينوم المستخدمة حالياً، ما يجعله قابلًا للتطبيق في المستشفيات دون الحاجة إلى تجهيزات إضافية معقدة.

وأكدت الدكتورة أنيا بيسكورز، رئيسة قسم الجينوم في معهد أبحاث السرطان بجامعة كامبريدج “هذا الاختبار قابل للدمج مع تقنيات التشخيص الجيني الحالية، ما يجعل تخصيص العلاج خطوة واقعية في رحلة المريض”.

رغم أن العلاج الكيميائي يظل ركيزة أساسية في محاربة السرطان، إلا أن آثاره الجانبية القاسية على الخلايا السليمة تثير جدلاً مستمراً حول جدواه في بعض الحالات.

يمثل هذا الابتكار نقطة تحوّل في فهمنا لكيفية استجابة الأورام للعلاج، ويعزّز التوجه العالمي نحو طب دقيق وشخصي، يقلّل من المعاناة ويزيد من فرص النجاة.

وقد يكون هذا الاختبار، بكل ما يحمله من وعود، خطوة مفصلية نحو القضاء على أحد أكثر تحديات الطب الحديث تعقيداً: مقاومة السرطان للعلاج.

زر الذهاب إلى الأعلى