أخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي

كتب د.حميد طارش: يُعرّف الذكاء الاصطناعي بأنه توظيف تقنيات آلية الحاسوب، لتحاكي التفكير والنشاط البشري ليقدم خدمات كبيرة في كافة المجالات وبجودة عالية دون كلل أو تقصير، لكن إلى جنب هذه الفائدة الكبيرة توجد مخاوف جدية وخطيرة تتعلق بانتهاك خصوصية الأفراد وحرياتهم وحقوقهم ومنافستهم في مورد رزقهم.

 

إذ ستُشغل آلاف الوظائف عن طريق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما جعل هذه المخاطر مثار بحث واهتمام المشتركين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لنسخته سنة (2024).

لم يكن الأمر جديداً في مسار التطور البشري، فالكثير من الإنجازات العلمية والصناعية جلبت معها الآثار الضارة، ولعل أصدق مثال لذلك تهديد الحياة على الأرض بسبب التغير المناخي الذي كان نتاج الاحتباس الحراري الذي حدث بفعل الثورة الصناعية الكبرى، واستخراج الوقود الأحفوري المطلوب لديمومتها…

لم تقف أضرار الذكاء الاصطناعي على الجانب المادي، وانما أصبحت تشكل خرقاً للقواعد الدستورية، التي كفلت حماية الحق في الخصوصية، والحق في العمل، وهذا يعني حماية الدولة لهما، مما يخلق إشكالية كبيرة للدولة بين مواكبة التطور والاستفادة من الإنجازات العلمية، وبين حماية الحقوق والحريات التي تتضرر جراء ذلك.

كما أن تلك المشكلة معقدة وأصبحت دولية، أي لا يكفي القانون الداخلي لمعالجتها وإنما أصبحت من مسائل القانون الدولي كغيرها من المسائل الأخرى، كالتغير المناخي العابر للحدود الجغرافية، بمعنى العالم تجاوز العامل السياسي لتوحيده إلى تحديات تقتضي توحده لمواجهتها، وهذا ما عمل عليه الاتحاد الأوروبي من رسم سياسات ووضع خطط بشأن الذكاء الاصطناعي، ليتوّج بقانون الذكاء الاصطناعي، بغية تنظيم تطبيقاته التي صنفها إلى ثلاثة فئات، الأولى، الممارسات المحظورة وهي التي تسبب الضرر الجسدي والنفسي للأفراد، الثانية، الأنظمة عالية الخطورة التي تشكل تهديداً لصحة الأفراد وسلامتهم ويشترط القانون المذكور التقييم الإجباري لها قبل طرحها للسوق، الثالثة، أنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى وهي متاحة دون تقييد.

كما حذت بعض الدول إلى تنظيمه بقوانين داخلية، إلّا إن الحاجة ما زالت قائمة إلى المزيد من التنظيم القانوني المحلي والدولي له، خاصة مع وجود الآراء الخطيرة التي تدعو إلى عدم تنظيم أو تقييد الذكاء الاصطناعي، بحجة تأثير ذلك على مستوى الابتكار وتحجيمه.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى