التعرفة الجمركيَّة رافدٌ اقتصادي مهمّ

كتب وجدان عبدالعزيز: يشكل الاقتصاد أهمية متصاعدة للدولة وللحكومة وللسياسيين معاً، وكذا للمواطنين بجميع فئاتهم، فقوته تعكس قوة ونفوذ الدولة والإدارة القائمة عليها، وحينما يُضبط إيقاعه بالاتجاه الصحيح، سيشكل مستوى رفاهية المواطنين ومستواهم المعاشي، وترتبط قوة اقتصاد أي دولة بقوة سياستها، لأنّه محرك السياسة واستقلال قرارات الدولة.

 

والحقيقة هناك روافد اقتصادية مهمة لخزينة الدولة، يجب الإفادة منها باستثمارها لصالح الاقتصاد الوطني، كما في المنافذ الحدوديَّة، مثالها التعرفة الجمركيّة، وهي ضريبة تفرضها الدولة من خلال سلطات الجمارك على التجار، عند استيراد البضائع من خارج البلاد، أو على الأفراد عند إدخال بضائع معينة إلى البلاد، وفائدتها حماية الصناعة المحلية عن طريق فرض ضرائب على المنتج الأجنبي، ومن ثم زيادة الإيرادات الحكومية.

والغاية الأخرى منها تمنح ميزة سعرية للسلع المنتجة محلياً على حساب السلع المماثلة المستوردة؛ لذا تكون منافسة لها في السوق المحلية، وكما قلنا ستزيد الإيرادات الحكومية، ويقلل ربح السلع المستوردة، وهذا الأمر يجعل من التعرفة الجمركية عاملاً مهماً في المفاوضات التجاريّة، واستعملتها الدول الكبرى في العقوبات الاقتصادية على دول أخرى، كما في الحرب التجارية بين أمريكا والصين على سبيل المثال..

إذن هي سياسة تجارية لحماية الدولة، وكل ما يحتاجه البلد، كي تتم الإفادة من ضبط الحدود وجني ثمرة التعرفة الجمركيَّة، ومؤكد هذا السلوك يحتاج إلى إرادة وطنيّة تجعل من أولياتها المصلحة الوطنيّة، ومن ثمّ تطبيق برامج تنموية مستدامة، تكون عامل نهوض لمقدرات العراق، ومن ثم تحقيق الاستقرار في جميع المفاصل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وسيكون لها أثر إيجابي لنقل العراق إلى مرحلة الاعتماد على ثرواته الطبيعيَّة.

ولا بدَّ من القول صراحة هناك فساد كبير في المنافذ الحدوديّة، وخاصة في قضية التعرفة الجمركية دلّت على هذا الفساد إجراءات حكومية للحد من هذا الفساد، من خلال حساب معدل الإيرادات قبل وبعد هذه الإجراءات، وهنا حتما أن التعرفة الجمركيَّة تؤدي إلى زيادة الإيرادات وحماية قطاعات وصناعات الدولة من المنافسة الأجنبية، ولا شكَّ سنجني منه ثمار تشجيع الصناعة المحلية وقبل هذا تكون التعرفة الجمركيَّة، كوسيلة للضغط وإجبار دولة أخرى للامتثال لمطالبها، من خلال رفع الرسوم على المنتجات والخدمات الأساسية المستوردة من تلك الدولة.

وهو ما يجعل العراق أكثر استقلالاً في اتخاذ إجراءاته الحامية لمصالحه الوطنية، وحتما هذا يحتاج إلى التعاون المثمر مع الجهد الدولي لنقل البلد إلى مرحلة جديدة أكثر تطوراً بالاعتماد على ثرواته الطبيعية، وتنامي الإيرادات والخروج من دائرة الاقتصاد أحادي الجانب، وتحقيق استقرار اقتصادي وسياسي، و(على مر التاريخ، كانت إدارة الاقتصاد الرشيدة هي مفتاح نهضة الشعوب وتقدمها وازدهارها، إذ إن الإدارة الناجحة لموارد الدولة توفر موارد إضافية لاستثمارها في جوانب أخرى، مثل تحسين التعليم وخدمات الصحة وبناء جيش قوي وامتلاك بحث علمي موثوق).

وتعد التعرفة الجمركيَّة من عوامل الحفاظ على الصناعات المحلية والتقليل من التبعية الأجنبيَّة، وحتى نصل للحد من الفساد في هذا الجانب الاقتصادي، لا بدَّ من الذهاب إلى تقنية الأتمتة المهتمة بتنفيذ عملية ما من خلال الأوامر المبرمجة مع التحكّم التلقائي في التغذية الراجعة، لضمان التنفيذ الصحيح للتعليمات، ويكون النظام الناتج قادراً على العمل من دون التدخل البشري، حيث قالت وزيرة المالية: (إن استكمال مشروع الأتمتة سيسهم في تطوير دوائر الجمارك وتحسين أدائها، عبر اعتماد النافذة الواحدة، وتحديث أنظمة الجباية وتوفير قاعدة بيانات رصينة، والذي سيحقق بدوره إدارة فعّالة، فضلاً عن تحقيق الاستدامة المالية وتنوع الاقتصاد وفق مبادئ النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد).

وأضافت خلال اجتماع مهم: (أن الوزارة تسعى لتحويل دوائر الجمارك إلى مصادر مهمة لدعم خزينة الدولة بعد الايرادات النفطية).. ومن خلال اهتمام الدولة بهذا الرافد الاقتصادي المهم، نكتشف أهمية التعرفة الجمركية، حيث تكمن أهميتها في أنها تزيد وتنمي الاقتصاد الوطني وتحمي الصناعات المحلية وتعطيها القدرة على المنافسة مع الصناعات المستوردة، وحتى تأخذ طريقها الصحيح لا بدَّ من الأتمتة لقطع دابر الفساد والمحسوبيات في هذا الشريان الاقتصادي المهم، ونجني منه إيجابيات زيادة عائدات الضرائب، ودعم الإنتاج المحلي ناهيك من تقليل التبعية الأجنبيَّة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى