كتب عامر حسن فياض : الدولة وما قبل الدولة

كتب عامر حسن فياض : الدولة وما قبل الدولة

منذ عالمنا القديم وصولاً إلى عالمنا المعاصر وما بينهما توقفت المسببات الرئيسية للصراعات الدموية عند السبب الطبقي (الصراعات الطبقية)، والسبب القومي (التعارضات القومية) والسبب الديني (الحروب الدينية والمذهبية).

وتلك المسببات لم تنتهِ بعد. بيد أنها تحضر من دون قصد أحيانا، وتستحضر. بقصد أكثر الأحيان، في عراق اليوم لا لتكون سببا أو أسبابا حقيقية للتعارضات والأزمات والصراعات، بقدر ما تكون غطاءً او تعمية لحقيقة ما يحصل في هذه البلاد. فالذي يحصل حقيقة في بلادنا هو صراع ما بين مشروع الدولة ومشروع ما قبل الدولة.
والمعلوم للعقلاء فقط أن دعاة مشروع الدولة موزعين ما بين رموز وشخصيات وقوى داخلة في العملية السياسية وخارجها. اما مشروع دعاة ما قبل الدولة فأنهم موزعون ايضا ما بين رموز وشخصيات وقوى داخلة في العملية السياسية وخارجها.

وعلى هذا الأساس فإن ما يحصل لا بدَّ أن يفهم على أنه صراع ما بين مشروع عراق الدولة من جهة، ومشروع عراق ما قبل الدولة من جهة اخرى. أما ما ينبغي فعله بعد هذا الفهم فإنه يتمثل بضرورة التلاقي ما بين أطراف مشروع العراق الدولة. تلك الأطراف المبعثرة والمتبعثرة داخل وخارج العملية السياسية. أما أطراف مشروع عراق ما قبل الدولة فأن أطرافه متماسكة، وخطابه موحد، بغض النظر عن مواقع هذه الأطراف، سواء كانوا داخل العملية السياسية أو خارجها.

وهذا التماسك وذلك التوحد مغذى تغذية دسمة ومستدامة من الخارج. المتمثل بالمخطط العالمي لتخريب الدولة الوطنية في المنطقة العربية.

والأخير كان مشروعا ولا يزال يشتغل في العراق، واشتغل في سوريا ومصر وليبيا واليمن ولا يزال عبر أطرافه المتمثلة بـــ:
• نفعية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. تلك النفعية التي أخذت تميز بشكل مضحك ما بين إرهاب مقبول وإرهاب غير مقبول، لينتهي هذا التميز إلى الرغبة في تحقيق الهدف المتمثل بتخريب الدولة الوطنية وجيوشها في المنطقة.

• التوسعية الصهيونية التي تمثلها اسرائيل المستفيد الأول والأخير من خراب الدولة الوطنية وجيوشها في
المنطقة.

•  التنظيم الدولي الارهابي التكفيري المتمثل سياسيا بالإخوان المسلمين، وفكريا بالحركة الوهابية، وعسكرياً بتنظيم القاعدة وداعش ومشتقاتهما.
هذا المشروع العالمي يريد للمنطقة أن تخلو من الدول الوطنية وأن تعج بولايات الشر التافهة المسيرة برجال العصور المظلمة والمحكومة بسياسات، تعشق الماضي وتكره المستقبل وتستدعي عالما قديما ربيعه الشعبوية وصيفه التخلف وخريفه الجهل وشتاؤه
العفونة.

باختصار شديد أن الأطروحة التي تحكم الصراع في العراق اليوم هي أطروحة صراع الدولة وما قبل الدولة، والسجال بينهما سيظل قائما على مستوى العقل وعلى مستوى الفعل ايضا.

 

لمزيد من الأخبار تابعونا على قناة التلجرام: العراق أولا

زر الذهاب إلى الأعلى